فصل: كِتَابُ اللِّعَانِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (نسخة منقحة)



.فَصْلٌ: حُكْمُ الظِّهَارِ:

وَأَمَّا حُكْمُ الظِّهَارِ فَلِلظِّهَارِ أَحْكَامٌ: مِنْهَا حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَلِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لَمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} أَيْ فَلْيُحَرِّرُوا كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} أَيْ لِيُرْضِعْنَ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} أَيْ لِيَتَرَبَّصْنَ، أَمَرَ الْمُظَاهِرَ بِتَحْرِيرِ رَقَبَةٍ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَوْ لَمْ يُحَرِّمْ الْوَطْءَ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِتَقْدِيمِ التَّحْرِيرِ قَبْلَ الْمَسِيسِ مَعْنًى وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} وَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ النَّجْوَى قَبْلَ الصَّدَقَةِ إذْ لَوْ لَمْ يَحْرُمْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِتَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّجْوَى مَعْنًى فَكَذَا هَذَا.
وَرُوِيَ أَنَّ مَسْلَمَةُ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَبْصَرَهَا فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ وَعَلَيْهَا خَلْخَالٌ فِضَّةٌ فَأَعْجَبَتْهُ فَوَطِئَهَا فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ» أَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِغْفَارُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ الذَّنْبِ فَدَلَّ عَلَى حُرْمَةِ الْوَطْءِ وَكَذَا نَهَى الْمُظَاهِرَ عَنْ الْعَوْدِ إلَى الْجِمَاعِ، وَمُطْلَقُ النَّهْيِ لِلتَّحْرِيمِ فَيَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الْجِمَاعِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَمِنْهَا حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ عَنْ شَهْوَةٍ وَالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا عَنْ شَهْوَةٍ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ؛ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وَأَخَفُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِّ هُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ إذْ هُوَ حَقِيقَةٌ لَهُمَا جَمِيعًا أَعْنِي الْجِمَاعَ وَاللَّمْسَ بِالْيَدِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْمَسِّ بِالْيَدِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ دَاعٍ إلَى الْجِمَاعِ فَإِذَا حَرُمَ الْجِمَاعُ حَرُمَ الدَّاعِي إلَيْهِ إذْ لَوْ لَمْ يَحْرُمْ لَأَدَّى إلَى التَّنَاقُضِ وَلِهَذَا حَرُمَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ بَابِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ هُنَاكَ يُفْضِي إلَى الْجِمَاعِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْأَذَى فَامْتَنَعَ عَمَلُ الدَّاعِي لِلتَّعَارُضِ فَلَا يُفْضِي إلَى الْجِمَاعِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ بِتَشْبِيهِ امْرَأَتِهِ بِأُمِّهِ فَكَانَتْ قَبْلَ انْتِهَائِهَا بِالتَّكْفِيرِ وَحُرْمَةُ الْأُمِّ سَوَاءً، وَتِلْكَ الْحُرْمَةُ تَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ كَذَا هَذِهِ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقَ الْقَوْمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنَقَلَهُ الشَّرْعُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمَحَلِّ إلَى تَحْرِيمِ الْفِعْلِ فَكَانَتْ حُرْمَةُ الْفِعْلِ فِي الْمُظَاهَرِ مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ كَحُرْمَةِ الْفِعْلِ فِي الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ، وَتِلْكَ الْحُرْمَةُ تَعُمُّ الْبَدَنَ كُلَّهُ كَذَا هَذِهِ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَدَعَهُ يَقْرَبُهَا بِالْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَالتَّمْكِينُ مِنْ الْحَرَامِ حَرَامٌ.
وَمِنْهَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْوَطْءِ وَإِذَا طَالَبَتْهُ بِهِ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُجْبِرَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَيَطَأَ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّحْرِيمِ بِالظِّهَارِ أَضَرَّ بِهَا حَيْثُ مَنَعَهَا حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ فَكَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِإِيفَاءِ حَقِّهَا وَدَفْعِ التَّضَرُّرِ عَنْهَا وَفِي وُسْعِهِ إيفَاءُ حَقِّهَا بِإِزَالَةِ الْحُرْمَةِ بِالْكَفَّارَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ.
وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ وَالطَّعَامِ أَعْنِي كَمَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا قَبْلَ التَّحْرِيرِ وَالصَّوْمِ لَا يُبَاحُ لَهُ قَبْلَ الْإِطْعَامِ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ الْإِطْعَامَ جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا شَرَطَ تَقْدِيمَ هَذَا النَّوْعِ عَلَى الْمَسِيسِ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا؟ وَإِنَّمَا شَرَطَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَيَقْتَصِرُ الشَّرْطُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَلَنَا أَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَيَطَؤُهَا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ فِي خِلَالِ الطَّعَامِ فَتَنْتَقِلُ كَفَّارَتُهُ إلَيْهِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ وَطْأَهُ كَانَ حَرَامًا فَيَجِبُ صِيَانَتُهُ عَنْ الْحَرَامِ بِإِيجَابِ تَقْدِيمِ الْإِطْعَامِ احْتِيَاطًا وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ أَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ كَفَّارَاتٍ سَوَاءٌ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِأَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا ظَاهَرَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الظِّهَارَ أَحَدُ نَوْعَيْ التَّحْرِيمِ فَيُعْتَبَرُ بِالنَّوْعِ الْآخَرِ وَهُوَ الْإِيلَاءُ، وَهُنَاكَ لَا يَجِبُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِأَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ فَقَرِبَهُنَّ فَكَذَا هَاهُنَا.
(وَلَنَا) الْفَرْقُ بَيْنَ الظِّهَارِ وَبَيْنَ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَنَّ الظِّهَارَ وَإِنْ كَانَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى حِيَالِهَا فَصَارَ مُظَاهِرًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
وَالظِّهَارُ تَحْرِيمٌ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ فَإِذَا تَعَدَّدَ التَّحْرِيمُ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ ثَمَّةَ تَجِبُ لِحُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى جَبْرًا لِهَتْكِهِ وَالِاسْمُ اسْمٌ وَاحِدٌ فَلَا تَجِبُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِأَرْبَعِ تَحْرِيمَاتٍ، وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ ظِهَارٍ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ فَإِنْ قِيلَ أَنَّهَا إذَا حَرُمَتْ بِالظِّهَارِ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ تَحْرُمُ بِالثَّانِي؟ وَأَنَّهُ إثْبَاتُ الثَّابِتِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ ثُمَّ هُوَ غَيْرُ مُفِيدٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الثَّانِيَ إنْ كَانَ لَا يُفِيدُ تَحْرِيمًا جَدِيدًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ فَلَئِنْ تَعَذَّرَ إظْهَارُهُ فِي التَّحْرِيمِ أَمْكَنَ إظْهَارُهُ فِي التَّكْفِيرِ فَكَانَ مُفِيدًا فَائِدَةَ التَّكْفِيرِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ الْأَوَّلَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ الْخَبَرِ وَقَدْ يُكَرِّرُ الْإِنْسَانُ اللَّفْظَ عَلَى إرَادَةِ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ دُونَ التَّجْدِيدِ، وَالظِّهَارُ لَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ وَإِنْ جَامَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعُودَ حَتَّى يُكَفِّرَ لَمَا رَوَيْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَاقَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ «اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ» فَأَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِمَا فَعَلَ لَا بِالْكَفَّارَةِ وَنَهَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَوْدِ إلَيْهِ إلَّا بِتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

.فَصْلٌ: بَيَانُ مَا يَنْتَهِي بِهِ حُكْمُ الظِّهَارِ:

وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَنْتَهِي بِهِ حُكْمُ الظِّهَارِ أَوْ يَبْطُلُ فَحُكْمُ الظِّهَارِ يَنْتَهِي بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِبُطْلَانِ مَحَلِّ حُكْمِ الظِّهَارِ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَيَنْتَهِي بِالْكَفَّارَةِ وَبِالْوَقْتِ إنْ كَانَ مُوَقَّتًا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الظِّهَارَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ مُطْلَقًا وَإِمَّا أَنْ كَانَ مُوَقَّتًا فَالْمُطْلَقُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَحُكْمُهُ لَا يَنْتَهِي إلَّا بِالْكَفَّارَةِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْمُظَاهِرِ «اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ» نَهَاهُ عَنْ الْجِمَاعِ وَمَدَّ النَّهْيَ إلَى غَايَةِ التَّكْفِيرِ فَيَمْتَدُّ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ بِبُطْلَانِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَلَا بِبُطْلَانِ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ حَتَّى لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا طَلَاقًا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.
وَكَذَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَتَّى بَطَلَ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا.
وَكَذَا إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْإِيلَاءِ وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِدُونِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ قَدْ انْعَقَدَ مُوجِبًا حُكْمَهُ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَالْأَصْلُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الشَّرْعِيَّ إذَا انْعَقَدَ مُفِيدًا لِحُكْمِهِ وَفِي بَقَائِهِ احْتِمَالُ الْفَائِدَةِ أَوْ وَهْمُ الْفَائِدَةِ يَبْقَى لِفَائِدَةٍ مُحْتَمَلَةٍ أَوْ مَوْهُومَةٍ أَصْلُهُ الْإِبَاقُ الطَّارِئُ عَلَى الْبَيْعِ، وَاحْتِمَالُ الْعَوْدِ هاهنا قَائِمٌ فَيَبْقَى وَإِذَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ ثُبُوتُ حُرْمَةٍ لَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا بِأَنْ كَانَ قَالَ: لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً صَحَّ التَّوْقِيتُ وَيَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ الْوَقْتِ بِدُونِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ يَبْطُلُ التَّأْقِيتُ وَيَتَأَبَّدُ الظِّهَارُ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الظِّهَارَ أَخُو الطَّلَاقِ إذْ هُوَ أَحَدُ نَوْعَيْ التَّحْرِيمِ، ثُمَّ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ كَذَا تَحْرِيمُ الظِّهَارِ وَلَنَا أَنَّ تَحْرِيمَ الظِّهَارِ أَشْبَهَ بِتَحْرِيمِ الْيَمِينِ مِنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ تُحِلُّهُ الْكَفَّارَةُ كَالْيَمِينِ يُحِلُّهُ الْحِنْثُ، ثُمَّ الْيَمِينُ تَتَوَقَّتُ كَذَا الظِّهَارُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّهُ شَيْءٌ فَلَا يَتَوَقَّتُ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

.فَصْلٌ: كَفَّارَةُ الظِّهَارِ:

وَأَمَّا بَيَانُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ فِي تَفْسِيرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِي بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِهَا، وَفِي بَيَانِ شَرْطِ وُجُوبِهَا، وَفِي بَيَانِ شَرْطِ جَوَازِهَا أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ عَلَى التَّرْتِيبِ الْإِعْتَاقُ ثُمَّ الصِّيَامُ ثُمَّ الْإِطْعَامُ.
وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْعَوْدِ وَالظِّهَارِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} غَيْرَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْعَوْدِ.
قَالَ أَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ هُوَ أَنْ يُكَرِّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ إمْسَاكُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّكَاحِ بَعْدَ الظِّهَارِ وَهُوَ أَنْ يَسْكُت عَنْ طَلَاقهَا عَقِيبَ الظِّهَارِ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ طَلَاقَهَا فِيهِ إذَا أَمْسَكَهَا عَلَى النِّكَاحِ عَقِيبَ الظِّهَارِ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ طَلَاقُهَا فِيهِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ غَابَتْ أَوْ مَاتَتْ.
وَإِذَا غَابَ فَسَوَاءٌ طَلَّقَهَا أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا رَاجَعَهَا أَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا عَقِيبَ الظِّهَارِ بِلَا فَصْلٍ يُبْطِلُ الظِّهَارَ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ إمْسَاكِ الْمَرْأَةِ عَقِيبَ الظِّهَارِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْعَوْدُ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا عَزْمًا مُؤَكَّدًا حَتَّى لَوْ عَزَمَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي أَنْ يَطَأَهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعَزْمِ الْمُؤَكَّد لَا أَنَّهُ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِنَفْسِ الْعَزْمِ ثُمَّ سَقَطَتْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ سُقُوطِهَا لَا تَعُودُ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ.
وَجْهُ قَوْلِ أَصْحَابِ الظَّوَاهِرِ التَّمَسُّكُ بِظَاهِرِ لَفْظَةِ الْعَوْدِ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الْقَوْلِ عِبَارَةٌ عَنْ تَكْرَارِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} أَيْ يَرْجِعُونَ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيُكَرِّرُونَهُ.
وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ} يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَذَلِكَ فِيمَا قُلْنَا لَا فِيمَا قُلْتُمْ؛ لِأَنَّ عِنْدَكُمْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفَّارَةَ فَتُرْفَعَ الْحُرْمَةُ وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ.
وَلَنَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا ثُمَّ عَادَ، قَالَ فِي اللُّغَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَادَ إلَى مَا قَالَ وَفِيمَا قَالَ أَيْ كَرَّرَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَادَ لِنَقْضِ مَا قَالَ فَإِنَّهُ حُكِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا تَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْ الْأَصْمَعِيِّ بِأَنَّهُ كَانَ يَبْنِي بِنَاءً ثُمَّ يَعُودُ لَهُ فَقَالَ لَهُ الْأَصْمَعِيُّ: مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِك أَعُودُ لَهُ فَقَالَ أَنْقُضُهُ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَا يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ إعَادَةُ عَيْنِ الْأَوَّلِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْإِعْرَاضِ لِكَوْنِهَا مُسْتَحِيلَةَ الْبَقَاءِ فَلَا يُتَصَوَّرُ إعَادَتُهَا، وَكَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ أُوَيْسًا بِالْكَفَّارَةِ لَمْ يَسْأَلْهُ أَنَّهُ هَلْ كَرَّرَ الظِّهَارَ أَمْ لَا؟ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لَسَأَلَهُ إذْ الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ وَكَذَا الظِّهَارُ الَّذِي كَانَ مُتَعَارَفًا بَيْنَ أَهْلٍ كُرِّرَ الظِّهَارُ أَمْ لَا؟ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لَسَأَلَهُ إذْ الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ، وَكَذَا الظِّهَارُ الَّذِي كَانَ مُتَعَارَفًا بَيْنَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَكْرَارُ الْقَوْلِ وَإِذَا تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْعَوْدُ لِنَقْضِ مَا قَالُوا وَفَسْخِهِ فَكَانَ مَعْنَاهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا وَذَلِكَ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُظَاهِرُ هُوَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ فَكَانَ الْعَوْدُ لِنَقْضِهِ وَفَسْخِهِ اسْتِبَاحَةَ الْوَطْءِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ فَسَادُ تَأْوِيلِ الشَّافِعِيِّ الْعَوْدَ بِإِمْسَاكِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِبْقَاءَ النِّكَاحِ لِأَنَّ إمْسَاكَ الْمَرْأَةِ لَا يُعْرَفُ عَوْدًا فِي اللُّغَةِ وَلَا إمْسَاكُ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ يُتَكَلَّمُ فِيهِ بِالْعَوْدِ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ لَيْسَ بِرَفْعِ النِّكَاحِ حَتَّى يَكُونَ الْعُودُ لِمَا قَالَ اسْتِبْقَاءً لِلنِّكَاحِ فَبَطَلَ تَأْوِيلُ الْعَوْدِ بِالْإِمْسَاكِ عَلَى النِّكَاحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي فَمَنْ جَعَلَ الْعَوْدَ عِبَارَةً عَنْ اسْتِبْقَاءِ النِّكَاحِ وَإِمْسَاكِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ عَائِدًا عَقِيبَ الْقَوْلِ بِلَا تَرَاخِي وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ.
أَمَّا قَوْلُهُ إنَّ النَّصَّ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَعِنْدَكُمْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عِنْدَنَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إذَا عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ كَأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى إذَا عَزَمْتَ عَلَى الْوَطْءِ فَكَفِّرْ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا} وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي سَبَبِ وُجُوبِ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا تَجِبُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَهَا بِهِمَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَبَبُ الْوُجُوبِ هُوَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ ذَنْبٌ.
أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا؟ وَالْحَاجَةُ إلَى رَفْعِ الذَّنْبِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ ثَابِتَةٌ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهَا رَافِعَةٌ لِلذَّنْبِ وَزَاجِرَةٌ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تُضَافُ الْكَفَّارَةُ إلَى الظِّهَارِ لَا إلَى الْعَوْدِ يُقَالُ: كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْأَحْكَامَ تُضَافُ إلَى أَسْبَابِهَا لَا إلَى شُرُوطِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَبَبُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَوْدُ وَالظِّهَارُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِبَادَةٌ وَالظِّهَارُ مَحْظُورٌ مَحْضٌ فَلَا يَصِحُّ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْعِبَادَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطٌ، وَسَبَبُ الْوُجُوبِ أَمْرٌ ثَالِثٌ هُوَ كَوْنُ الْكَفَّارَةِ طَرِيقًا مُتَعَيِّنًا لِإِيفَاءِ الْوَاجِبِ، وَكَوْنُهُ قَادِرًا عَلَى الْإِيفَاءِ؛ لِأَنَّ إيفَاءَ حَقِّهَا فِي الْوَطْءِ وَاجِبٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَلَمْ يَطَأْهَا مَرَّةً وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَقَدْ وَطِئَهَا مَرَّةً لَا تَجِبُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى اتِّصَالُ ذَلِكَ أَيْضًا لِإِيفَاءِ حَقِّهَا، وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا حَتَّى يُجْبَرَ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُهُ إيفَاءُ الْوَاجِبِ إلَّا بِرَفْعِ الْحُرْمَةِ وَلَا تَرْتَفِعُ الْحُرْمَةُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ فَتُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةُ ضَرُورَةَ إيفَاءِ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَصْلِ الْمَعْهُودِ أَنَّ إيجَابَ الشَّيْءِ إيجَابٌ لَهُ وَلِمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ كَالْأَمْرِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ يَكُونُ أَمْرًا بِالطَّهَارَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَأَمَّا) شَرْطُ وُجُوبِهَا فَالْقُدْرَةُ عَلَى أَدَائِهَا لِاسْتِحَالَةِ وُجُوبِ الْفِعْلِ بِدُونِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْقَادِرِ وَكَذَا الْعَوْدُ أَوْ الظِّهَارُ أَوْ كِلَاهُمَا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ.
وَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِهَا فَلِجَوَازِ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْإِعْتَاقَ وَالصِّيَامَ وَالْإِطْعَامَ شَرَائِطُ نَذْكُرُهَا فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

.كِتَابُ اللِّعَانِ:

الْكَلَامُ فِي اللِّعَانِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ: فِي بَيَانِ صُورَةِ اللِّعَانِ وَكَيْفِيَّتِهِ، وَفِي بَيَانِ صِفَةِ اللِّعَانِ، وَفِي بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِهِ، وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ، وَفِي بَيَانِ مَا يَظْهَرُ بِهِ سَبَبُ الْوُجُوبِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَفِي بَيَانِ مَعْنَى اللِّعَانِ وَمَاهِيَّتِهِ شَرْعًا، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ اللِّعَانِ، وَفِي بَيَانِ مَا يُسْقِطُ اللِّعَانَ بَعْدَ وُجُوبِهِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِهِ إذَا سَقَطَ أَوْ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا مَعَ وُجُودِ الْقَذْفِ.
(أَمَّا).
صُورَةُ اللِّعَانِ وَكَيْفِيَّتُهُ فَالْقَذْفُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالزِّنَا أَوْ بِنَفْيِ الْوَلَدِ.
فَإِنْ كَانَ بِالزِّنَا فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُقِيمَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَاثِلَيْنِ فَيَأْمُرَ الزَّوْجَ أَوَّلًا أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَيَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، ثُمَّ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَتَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا.
هَكَذَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى لَفْظِ الْمُوَاجَهَةِ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: فِيمَا رَمَيْتُك بِهِ مِنْ الزِّنَا وَتَقُول الْمَرْأَةُ: فِيمَا رَمَيْتنِي بِهِ مِنْ الزِّنَا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَوَجْهُهُ أَنَّ خِطَابَ الْمُعَايَنَةِ فِيهِ احْتِمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهَا وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهَا وَلَا احْتِمَالَ فِي خِطَابِ الْمُوَاجَهَةِ فَالْإِتْيَانُ بِلَفْظٍ لَا احْتِمَالَ فِيهِ أَوْلَى وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَأَشَارَ إلَيْهَا فَقَدْ زَالَ الِاحْتِمَالُ لِتَعْيِينِهَا بِالْإِشَارَةِ فَكَانَ لَفْظُ الْمُوَاجَهَةِ وَالْمُعَايَنَةِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: فِيمَا رَمَيْتُكِ بِهِ مِنْ نَفْيِ وَلَدِكِ، وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: فِيمَا رَمَيْتنِي بِهِ مِنْ نَفْيِ وَلَدِي.
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا فِي نَفْيِ وَلَدِهَا، وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا فِي نَفْيِ وَلَدِهِ.
وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ بِوَلَدٍ فَقَالَ فِي اللِّعَانِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا فِي نَفْيِ وَلَدِهَا بِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي، وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّك لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتنِي بِهِ مِنْ الزِّنَا بِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْك.
وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ قَالَ إذَا نَفَى الْوَلَدَ يَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّهُ لَصَادِقٌ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَنَفْيِ هَذَا الْوَلَدِ قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافِ رِوَايَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافُ حَالِ الْقَذْفِ فَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ مِنْ الزَّوْجِ بِقَوْلِهِ: هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي يَكْفِي فِي اللِّعَانِ أَنْ يَقُولَ: فِيمَا رَمَيْتُكِ بِهِ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَا قَذَفَهَا إلَّا بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِالزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ لابد مِنْ ذِكْرِ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَإِنَّمَا بُدِئَ بِالرَّجُلِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِعَانُ الزَّوْجِ عَقِيبَ الْقَذْفِ فَيَقَعُ لِعَانُ الْمَرْأَةِ بَعْدَ لِعَانِهِ.
وَكَذَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ وَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْرِيَ اللِّعَانَ عَلَى ذَيْنَك الزَّوْجَيْنِ بَدَأَ بِلِعَانِ الرَّجُلِ وَهُوَ قُدْوَةٌ؛ لِأَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ وَجَبَ حَقًّا لَهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَلْحَقَ بِهَا الْعَارَ بِالْقَذْفِ فَهِيَ بِمُطَالَبَتِهَا إيَّاهُ بِاللِّعَانِ تَدْفَعُ الْعَارَ عَنْ نَفْسِهَا وَدَفْعُ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهَا حَقُّهَا وَصَاحِبُ الْحَقِّ إذَا طَالَبَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِإِيفَاءِ حَقِّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ كَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنْ أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فَبَدَأَ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ بِالرَّجُلِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ بِشَهَادَتِهَا تَقْدَحُ فِي شَهَادَةِ الزَّوْجِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ وُجُودِ شَهَادَتِهِ؛ وَلِهَذَا فِي بَابِ الدَّعَاوَى يُبْدَأُ بِشَهَادَةِ الْمُدَّعِي ثُمَّ بِشَهَادَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الدَّفْعِ لَهُ كَذَا هاهنا فَإِنْ لَمْ يُعِدْ لِعَانَهَا حَتَّى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا نَفَذَتْ الْفُرْقَةُ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَهُ صَادَفَ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ اللِّعَانَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ بَلْ هُوَ يَمِينٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ إحْدَى الْيَمِينَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى كَتَحَالُفِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كَانَ فَكَانَ تَفْرِيقُهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ فَنَفَذَ وَالْقِيَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَضُرُّهُ قَائِمًا لَاعَنَ أَوْ قَاعِدًا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ أَوْ يُعْتَبَرَ فِيهِ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا، وَالْقِيَامُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِيهِمَا إلَّا أَنَّهُ يُنْدَبُ إلَيْهِ؛ «لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ عَاصِمًا وَامْرَأَتَهُ إلَيْهِ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ قُمْ فَاشْهَدْ بِاَللَّهِ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: قُومِي فَاشْهَدِي بِاَللَّهِ»؛ وَلِأَنَّ اللِّعَانَ مِنْ جَانِبِهِ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ وَمِنْ جَانِبِهَا قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا وَالسُّنَّةُ فِي الْحُدُودِ إقَامَتُهَا عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ وَالْقِيَامُ أَقْرَبُ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.